دراسات

حالة المسلمين اليوم وأزمات الأسرة المعاصرة (الجزء الرابع)


                                                 الفصـل الثالـث

باسم المساواة في البلدان الإسلامية

     ويقول الأستاذ سيف الإسلام (الزبير) في كتاب صدر أخيرا عن المركز العربي للدراسات الإعلامية: أننا عندما نتحدث عن تخلف المرأة جهلا وأمية إنما نتحدث عن أنفسنا بل عن الأصل فينا، وعندما نطالب لها بالعلم والتعليم والرقي إنما نطلبه لأنفسنا لأنها منا ونحن منها وهذا ما يجرنا إلى التساؤل التالي: هل يريد أحدنا أن تكون إحدى يديه قوية والثانية مشلولة؟ ولماذا نطالب للمرأة بالتعليم والرقي وهو حق لها لا جدال فيه منذ أن جاء الإسلام الذي جعل منها الكنز الأصيل مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا متاع وأحسن متاعها المرأة الصالحة)  تلك المرأة التي تدافع عن دينها وعقيدتها وتربي أسرتها حسب المنهاج القويم لا التي تتلاشى مع تيارات الحضارة الفتاكة ولا تلك التي تنازع الرجل باسم المساواة في واجباته وتفر من أسرتها فرار الحمر من قسورتها ولا تلك التي لا تتشبه به إلا في تعاطي الخمور والمخدرات والتدخين وتنسى بذلك أنها تفتك ذرعا بنسلها وبجنينها إن كانت حاملا وبأولادها على العموم والأسرة بالكلية.

     وقد بين الله سبحانه وتعالى هذه المساواة بقوله: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) (النحل:97) والمراد بالمساواة تلك التي ترتكز على الإيمان الكامل بالله وبرسوله والتى تهدف إلى القيام بالصالحات كل على حسب مستواه وحسب فنياته وقوته البدنية والمعنوية ولكن أين الأسرة المسلمة اليوم من هذا المنوال؟ فأصبحت المرأة فيه تطالب بهذه المساواة قصد الاختلاط بالرجال والغرق في بحر الشهوات فلا هي ببناء المجتمع من حيث الاقتصاد والسياسة والثقافة، وما إلى ذلك ولا ببناء الأسرة المنوطة بها والمسؤولة عنها أمام الله وأمام الأمة جمعاء، وينتج من هذا الاختلاط التأخر في الانتقال من حالة (العازب) إلى حالة متزوج ثم الامتناع عن الزواج نهائيا، والمجتمع السوري كالمجتمعات الإسلامية يعاني من هذه الأزمة وعلاماتها يصنفها الباحث ((بوعلي ياسين)) في عدة مؤشرات أهمها العلاقات الجنسية الغير الشرعية، وقد بين آخر إحصاء في سوريا عام 1970 أن نسبة غير المتزوجين من مجموع السكان في سن الزواج 28.5% بينما كانت هذه النسبة لا تتجاوز 19.9% في إحصاء 1960، وإن كان الإحصاء الأول قد اعتبر دون سن الزواج جميع الذكور والإناث الذين تقل أعمارهم عن ست عشرة سنة، هذا إلى جانب اتجاه نسبة الزواج نحو الانخفاض ابتداء من عام 1974 التي شهدت أزمة أخرى تتمثل في عزوف الأسر السورية عن الإنجاب الأمر الذي أدى إلى بروز ظاهر انخفاض معدل زيادة السكان ولذا يرى الباحث أن الصداقة بين الجنسين المصحوبة بعلاقات جنسية لا شرعية كبديل خطير للزواج وإن كان المؤلف يشك في أن تكون مثل هذه العلاقات –الجنسية- غير الزوجية سببا هاما للعزوف عن الزواج وارتفاع سن الزواج بين أبناء وبنات الطبقات والفئات الاجتماعية بالقدر الذي يراها المؤلف كافية من حيث حجمها لدى فئة المثقفين والبرجوازيين.      يـتـبـع...

________________

اضغط هنا لقراءة (الجزءالثالث) من الأرشيف




facebook twitter youtube LinkedIn cheikh badaoui el djazairi mail
.
.

١٨ / أكتوبر / ٢٠٢٤
ALG
GMT + 1

arrow_drop_up