دراسات

حالة المسلمين اليوم وأزمات الأسرة المعاصرة (الجزء الرابع)


                                             بسم الله الرحمن الرحيم

                    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين                                                   

                                         الباب الثاني

الأسرة في عصر العلوم

     ولكن هذه ظاهرة عامة على كل بلدان المسلمين وتتعدى تقاليدهم للغرب في ميادين أخرى من الحياة نتعرض إلى تفاصيلها عن قريب إن شاء الله، والذي يهمنا هو أنه لا ينبغي للمسلمين أن يسكتوا أمام هذا الخطر الذي يهدد الأسرة الإسلامية على غرار أسر العالم….

                                                   الفصل الأول

المرأة الأمريكية تبحث عن شخصيتها

     نعم لا ينبغي لنا أن نقلد في الزواج الأوروبيين ولا للمرأة المسلمة أن تقلد الأمريكية التي هي بنفسها تبحث عن شخصيتها الآن في عصر العلوم رغم اكتساحها مختلف مجالات الحياة وخروجها من دائرة الأسرة وتربية الأطفال، ولم يشبع رغباتها ذلك الانفتاح الذي بلغ حد الانحلال فتعالت صرخاتها من جديد حاملة مطالب جديدة تحت ستار إلغاء التبعية الاسمية للزواج.

     فقد صدر حديثا كتاب للكاتبة الأمريكية الأخصائية في التحليل النفسي (ماريات فاندرفيلد) حللت فيه مشاكل الزوجة الأمريكية التي فقدت شخصيتها بتبعيتها لزوجها المدير أو رجل الأعمال الكبير. وهي مشاكل لم تنج منها كل المجتمعات الغربية وفي مستهل الكتاب تقدم المؤلفة تعريفا للزوجة التي فقدت شخصيتها فتقول انها المرأة التي تحتل وظيفة زوجها الأهمية الأولى في حياتها فهي مصدر الأمن المالي والعاطفي بالنسبة لها وإحساسها بتحقيق ذاتها لا يتحقق إلا إذا رأته يتقدم في عمله وحين تقرر الشركة التي يعمل بها الزوج نقله إلى مكان آخر تتحمل وحدها العبء الحقيقي في مشاكل إعادة ترتيب شؤون الأسرة.

     وعلى النقيض من ذلك في نظر الكاتبة فإن المرأة المستقلة سواء كانت متزوجة أم غير متزوجة تظل محتفظة باستقلالية شخصيتها، وهي المرأة الحرة في خوض التجارب العاطفية وإشباع احتياجاتها بالأسلوب الذي تريده وتكون بالشكل المناسب لها من منظورها الخاص.

     والمهم عند الكاتبة أن تعريف التحرير بالنسبة للمرأة يرتكز على الحرية والاختيار وأن بعض علماء النفس يميلون إلى تعريف الحركة النسائية بأنها (إعلان عن موت الرجل كإلاه)، والحقيقة أن الرجل مات كالإه منذ قرون وهو يموت اليوم كرجل، وتنتقل المؤلفة إلى الحديث عن تجربتها الشخصية في الحياة الزوجية فتقول: (حين تزوجت منذ ستة عشر عاما وكان من النادر جدا لامرأة أن تستمر في حمل اسم عائلتها بعد الزواج وبصراحة لم أفكر في ذلك مطلقا ولكن بعد فترة حين أصبحت (مدام لوني) واكتسبت اللقب العائلي لزوجي أدركت أن كلمة (لوني تعني المجنون) وهل يعقل أن أدعى (مدام المجنون)) وبصفتي محللة نفسية استمعت لكل نكتة وتعليق سخيف يمكن أن يتخيله أحد حول هذا الاسم وتعلمت منذ البداية كيف اتخذ منه مادة للفكاهة، هكذا تتخذ المرأة الأمريكية في موضوع الاسم رأس الحربة بل رأس حربة للهجوم ومجالا للمعاناة النفسية وحجة للاضطهاد والحرمان لتصل في الأخير إلى كل ما تبتغيه وحتى لا يقول لها الرجل (لا) أبدا، فهي من حقها وحدها.

     فالمؤلفة الأمريكية تقول أن اسم زوجها أصبح جزءا من رغبتها في التغيير وأن اسمها قبل الزواج يعد من ممتلكاتها الشخصية وأن التخلي عنه يعني التخلي عن جزء من ذاتها ومن هنا ترى أن القرار الذي اتخذته بالعودة إلى اسمها قبل الزواج لا يتعلق بزوجها كشخص ومن الاستطلاع الذي قامت به (ماريات فاندرفيلد) بمساعدة مجلة (فروتشن) على عدد من كبار المديرين والمسؤولين وزوجاتهم عبر خمسمائة شركة صناعية أمريكية للحصول على صورة دقيقة وجلية للرأي العام السائد بشأن الحياة الزوجية للمرأة التي تحمل اسم زوجها والدور الذي تلعبه وتوقعاتها بالنسبة للمستقبل كانت النتائج عكس ما توقعته المحللة النفسية فقد بينت أن الاهتمام بالشخصية وإبرازها بقوة آخر الصفات المرغوب فيها من طرف الزوجة وتم تقديم خمس صفات يطلب توفرها في الزوجة وضع 49% من الرجال و 72% من النساء  صفة الشخصية القوية في آخر القائمة حسب أهميتها من وجهة نظرهم، واستنادا إلى تجاربهم في الحياة الزوجية أما المصحات النفسية في أمريكا فتمتلئ بأمثال هؤلاء الزوجات المخلصات المتفانيات والإحصاءات تقول أن 70% من المرضى نفسيا في أمريكا سيدات ولولاهن لأغلقت المصحات النفسية أبوابها، وأسباب ذلك كما ترى المؤلفة تكمن في تردد الزوج في التعبير عن عواطفه علاوة على أن هناك عاملا أقوى وهو أن السيدات الفقيرات على حد تعبير الكاتبة يفضلن القيام بدور الضحية المفترى عليها فالزوجة في أغلب الأحوال تفضل أن توصف بأنها جذابة ودودة أما صاحبة المغامرات العاطفية فلا وألف لا، والمرأة التي تختار الاستقلال التام غالبا ما تجد نفسها مضطرة للتخلي عن حياتها الأسرية.




facebook twitter youtube LinkedIn cheikh badaoui el djazairi mail
.
.

١٨ / أكتوبر / ٢٠٢٤
ALG
GMT + 1

arrow_drop_up