عبادات و إشراقات
رســالة إلى لبيـب (الجزء الرابع)
النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
والنصيحة لرسوله أن تحبه أكثر من نفسك والناس أجمعين، وأن تطيعه فيما أمر به ونهى عنه، ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم ما روى زيد بن ثابت رضي الله عنه عن المختار صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رحم الله من سمع مقالتي حتى يبلغها غيره "ثلاثة لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله والنصح لائمة المسلمين واللزوم لجماعتهم فإن دعاءهم يحيط من ورائهم. إنه من تكن الدنيا نيته يجعل الله فقره بين عينيه، ويشتت عليه ضيعته ولا يأتيه منها إلا ما كتب له، ومن تكن الآخرة نيته يجعل الله غناه في قلبه، ويكفيه ضيعته وتأتيه الدنيا وهي راغمة". وهذه أمنا عائشة رضي الله عنها تروي حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدى إيثاره على نفسه، ولو شاء لأعطي-كما قال -مثل مُلك كسرى وقيصر، فتقول: "ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم... ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام سخن فأكل، فلما فرغ قال: الحمد لله ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا...". وذكر عمر رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا فقال: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يتلوى ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه".
فهذه سيرته العطرة وسيرة صحابته الراشدين من بعده، وأولياء أمته في كل زمان ومكان الذين طلقوا الدنيا لله فخدمتهم وأتت إليهم وهي راغمة ورحم الله من قال:
أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ونال من الدنيا سرورا وأنعما
كبان بنى بنيـــانه فأقامــه فلما استوى ما قد بناه تهدمـا