عبادات و إشراقات
رســالة إلى لبيـب (الجزء الرابع)
النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم
تندرج هاته النصيحة ضمن قوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا" فالرعية تطيع إمامها بلا نزاع إلا في معصية وضرر بالأمة: كولاية عدو يكيد للإسلام كيدا. والإمام يؤثر رعيته على نفسه كفعل الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز من بعدهم، فأبدلهم الله أمنا بعد خوف وعيشا رغيدا بعد ضنك، أولئك الذين مكنهم الله تمكن داوود عليه السلام في الدنيا والآخرة. خدموا الله فخدمتهم الدنيا فخضعت لهم رقاب الجبابرة، وانقادت للإسلام طائعة واعتنقته بذوق ويقين.
وكالإمام مالك رضي الله عنه الذي لم يرفض دعوة الأمير حينما دعاه لإلقاء درس في قصره فحسب بل طلب منه أن يحضر مجلس المسلمين في بيت الله، وكباقي الأئمة من بعده اصطفاهم الله لنفسه، وكساهم رسول الله صلى عليه وسلم ثوب خلافته. قال العارف بالله الشيخ ابن عليوة رضي الله عنه:
كساه رسول الله ثوب خلافة تحلى بذاك الثوب بعدما تخلى
وكفى هو الوارث لسرّ ربّه صفي نقي القلب بالحسن تحلى
فأمثال هؤلاء الذين أناروا سبيل الحق للخلق، وسعد الناس بلقاهم، فهذا جائع يتغذى من غذاهم، وهذا ظمآن يسقى من معينهم. قال ابن عليوة رضي الله عنه في وصفهم:
هم بدل للرسل في كل أمـــة قاموا بدعوة الحق فاستوجبوا الفضلا
ووضحوا معنى السبيل للحق وقاموا شهودا على التوحيد كما قام الأولى
هنيئــا لهم من قـوم قد جاد ربهم عليهم بقربه وبالرضى تجلـــى
هم القوم لا يشقى جليسهم قد قالا نبيهم في الصحيح صح ما قـد قالا
هم العروة الوثقى بهم فتمسّكنّ هم أمان أهل الأرض في الخلا والملا
لهم قلوب ترى مالا يرى غيرها أيقاظ وإن ناموا ففي نومهم وصـلا
تالله نوم العارف يغني عن ذكره وكيف بصلاة العارف إذا صلــى
يكون بسقف العرش حالة قربه واقفا مع الإله يا لها من حــــالا
ومصاحبة هؤلاء القوم واجبة، وللبقاء في ساحتهم شروط ثمانية يجمعها قولك (سمع وطاعة) أعني: كتمان الأسرار، والمحبة في الله ورسوله، والعلم النافع، والوفاء بالعهود، وطهارة القلب، والاجتهاد في الواجب، والعفو مع القدرة، ومحاسبة النفس عن كل صغيرة وكبيرة... يــتــبــع...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- اضغط هنا لقراءة الجزء الثالث من الأرشيف: